روي عن ميمون بن مهران: أن جاريته جاءت ذات يوم بصحفة فيها مرقة حارة، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه، فأراد ميمون أن يضربها.. فقالت الجارية: يا مولاي، استعمل قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}.. قال لها: قد فعلت.. فقالت: أعمل بما بعده: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.. فقال: قد عفوت عنك. فقالت الجارية: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.. قال ميمون: قد أحسنت إليك، فأنت حرة لوجه.
خلق الحلم وكظم الغيظ وسعه صدر وضبط النفس وكبح جماحها عند الغضب والتسامح والعفو، والتجاوز عن الزلات، والتفاضي عن الهفوات.. وهو أشرف السجايا، وأعز الخصال وأجمل الصفات، وانبل الأخلاق، وهو دليل على سمو النفس وكرم الأخلاق وسبباً للمودة بين الناس.
سامح كل الذين أخطأوا في حقك، وكل الذين ظلموك، وكل الذين حاربوك، وكل الذين قصروا في حقك، وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك.. جرب أن تملأ قلبك بالمحبة فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعاً فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم، بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد، وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة.
انهمك في دعاء صادق لله سبحانه وتعالى بأن يغفر الله لهم، وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم، وستجد أنك أنت الرابح الأكبر عندما تدرب نفسك تدريباً عملياً على كيفية كظم الغيظ وطلب الثواب من عند الله تبارك وتعالى، بداية قبل أن تخلد إلى النوم، وتسلم عينيك لنومة هادئة لذيذة، درب قلبك ومرنه على كثرة التسامح والتنازل وعدم الإمساك بحظ النفس.
*ترويقة:*
ليس الشديد بالصرعه، إنما الشديد الذي يمسك نفسه عن الغضب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأين نحن من مثل هؤلاء الأصفياء الأتقياء الأنقياء الأوفياء ..!! هل تريد أن تكون منهم لتصبح أنت الرابح الأكبر؟؟
*ومضة:*
خلق العفو والصفح والتسامح من صفات المؤمنين المتقين، قال سبحانه: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم).. وقال الله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
.
*كُن مُتَفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*