دائماً تكون أجمل الذكريات.. هي ذكريات الطفولة التي تجمع بين سخرية الحياة من عقولنا الصغيرة وبين أحلامنا العريضة، ومع أكبر همي البسيط دائماً تعود بي الطفولة إلى حيث البراءة والجمال وصفاء النفس، وفي زمن الطيبين تأتي لحظات الذكريات والحنين فجأة دون سابق إنذار ، ولي مواقف طفولية لا أنساها البته!! وكلما تذكرتها أنظر بابتسامة صادقة وعيناي تغرغران بدمعٍ خفيف وكأني استمتع بمشاهدة فيلم قصير.
سأنقل لكم قصة طفولة بيني وبينكم وأتمنى أن تكون سراً ولا تخبروا بها أحداً من العالمين.. عندما كان عمري 8 سنوات، كنت أحب أن أرى البنات يلعبن في الشارع وأتشوق أكثر للعب معهن ولكن أتردد أحياناً وأقول ماذا لو رآني أبي وأنا معهن.. أكيد سيضربني!!
كنت أحب ألعب مع بنت من بنات جيراننا، وبعفوية طفل كنت أحب البنت، وكنا نلعب لعبة "أم وأب" وكانت ألعابنا سابقاً تعتمد على الجماعية، أما اليوم فمعظم ألعاب الأطفال فرديه منذ أن اخترعت هذه الأجهزة الإلكترونية الحديثة. وكنت أُُسرُ كثيراً عندما أدخل مع أمي وأخواتي بيت بنت الجيران لكي نزورهم بعد المغرب، وأحياناً بعد العشاء، وكانوا يضيفوننا في الغالب بالشاهي والبسكوت ماري والمالح.
كانت أم البنت تضع كأس الشاهي أمامي وتعاملني مثل الكبار، وكنت وقتها أفرح كثيراً وأنا أنظر إلى حبيبتي بنت الجيران بطرف عيني لكي تراني بقمة رجولتي بمفهومي كطفل في وقتها. وفجأة.!!! في لحظة صمت أمي الحنونة، الله يهديها ويصلح بالها ويحفظها لي، تخرب علي كل شيء بنيته من نظرات وهمسات حب طفولية.
تقول أمي لأم البنت بصوتٍ منخفض: الله يحفظك خذوا كأس الشاي من أمام ولدي لكي لا يشرب كثيراً، ثم يبلل فراشه في آخر الليل عند نومه.. خربت أم السالفة أمي هداها الله وسامحها.. انتهت القصة..
الطفولة عالم جميل له قوانينه الخاصة وأيامه الجميلة، ولا يفهمها إلا من عاشها بأمان .. فلا يوجد هناك من كان يحمل الكره والحقد على غيره، بل تجمعهم رابطةٌ واحدة ألا وهي رابطة الحب والبراءة.. آآآه ما أجملها وأروعها من أيام.
ما أجمل حياة الأطفال عندما تجد في ابتسامتهم البرآءة، وفي تعاملاتهم البساطة، فلا يحقدون ولا يحسدون، وإن أصابهم مكروه لا يتذمرون، لأن صفحتهم بيضاء، وحياتهم صفاء ثغر باسم، وقلوبِهم نقيّة وأرواحهم برَِيئَة.
*ترويقة:*
عندما تعود لأيام الطفولة تجدك لا شعورياً تأخذ نفساً عميقاً يبث فيك الحياة من جديد ويجدد فيك النشاط للوصول لتلك الأحلام الطفولية الكبيرة..
لذا أشتاق لذلك الزمان الذي كنت أؤمن فيه أن مشكلاتي يمكن أن تُحل بقطعة شوكولاته، وأفرح إذا حصلت على قطعة حلوة مهما كانت شكلها أو طعمها، والأجمل عندما لا أقارن ما عندي بما عند الآخَرين من الأطفال.
*ومضة:*
أقول في نفسي دائماً يا ليت تلك الأيام تعود حاملةً بين طياتها الكثير من الذكريات الجميلة..
فالطفولة.. عالمٌ مُخمليّ، مُزدانٌ بقلوبٍ كالدُرر، وأرواحٌ باذِخة الطُهر.
.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*