نعيش اليوم في عالم كثرت فيه المشاغل، عالم يتجه نحو الفردية والإنعزال والإنكفاء علي حاجاتنا ومتطلباتنا فقط، وقد ننسى في زحمة الأحداث واجباتنا أحيانا تجاه الله واوامره ونواهيه ونشكره علي نعمه.. وأحياناَ تجاه الوالدين وبرهما أو تجاه أهلنا والأقربين أو تجاه جيراننا ومجتمعنا ومن يحتاجون لمساعدتنا..
اليوم قرأت قصة إنسانية رائعة بإمتياز، فأحببت أن أرويها لكم كما وصلتني، حيث كان رجل ثري ينطلق مسرعاً بسيارته الفارهة والجديدة في أحد الشوارع الخلوية، فسمع صوت شيء يرتطم بسيارته بقوة! أوقف الرجل سيارته، نزل منها مسرعاً، دار حول سيارته فإذ به يرى ضربه قوية على مؤخرة سيارته.
تبين له فيما بعد أن حجراً كبيراً أصاب سيارته في الباب الخلفي واحدث به تلفاً كبيراً، تلفت الرجل حوله فشاهد ولداً صغيراً يقف بجانب الطريق، وتبدو عليه علامات الخوف والقلق، إتجه الرجل نحوه وهو يشتعل غضباً، أمسكه بكتفيه وهزه بعنف وهو يصيح مخاطباً الولد:
أيها المجنون!! لماذا ضربت سيارتي بحجر؟ أنظر إلى حجم الضرر الذي أحدثته بسيارتي! ألا ترى أنها سيارة حديثة وقيمة، هل تعلم كم سيكلفك أنت وابوك ثمن إصلاح السيارة؟
شعر الولد بالخوف وقال للرجل: أنا آسف جداً ياسيدي، لقد مضي عليً هنا وقتاً طويلاً وأنا أقف عند حافة الطريق، وألوح بيدي محاولاً لفت إنتباه أي أحد من الماره.
لكن دون جدوى لم يقف أحد لمساعدتي! أنظر هناك، إن الولد الذي تراه في تلك الحفرة هو أخي الأكبر وهو مشلول، لقد كنت أدفعه علي كرسي متحرك في إتجاه قريتنا، ولكن تدحرج الكرسي وهوى في تلك الحفرة، وأنا كما تري صغيراً ولا يمكنني حمله وإخراجه من الحفرة، فهل لك أن تساعدني وتخرجه من الحفرة وتجلسه علي الكرسي، وبعد ذلك يمكنك أن تاتي لأبي وتأخذ منه ثمن إصلاح باب سيارتك..
سكن غضب الرجل واندفع نحو الحفرة وأخرج منها الولد المشلول واجلسه على مقعد السيارة الخلفي، ورفع الكرسي في صندوق السيارة، وطلب من الولد الصغير أن يركب بجانبه ويدله علي مكان بيتهم.
عندما وصلوا للبيت أنزل الرجل الولد المشلول واجلسه علي الكرسي، ودفعه حتي باب منزلهم، ثم اتجه نحو سيارته، لكن الولد الصغير أوقفه وطلب منه الدخول ليقابل أباه وياخذ قيمة إصلاح السيارة. شكره الرجل، وقال له بلطف:
لن آخذ منكم قيمة الإصلاح، بل لن أصلح سيارتي، مع إني أستطيع ان أفعل ذلك، لكن سأبقي على هذه الضربة في جانب سيارتي لتكون تذكاراً لي حتي لا يضطر إنسان آخر أن ينبهني بحجر.. انتهت القصة.
*ترويقة:*
عندما نكون غافلين عمن حولنا حينئذ من الضعفاء والمساكين والمحتاجين إذاً نحتاج إلى حجر للتنبيه، قائلين لنا نحن هنا!! وقد يكون تنبيهاً قاسياً وعنيفاً، وممكن أن يكون التنبيه في شكل بلاء أو مرض أو نقص في أي وجه من الوجوه، وقد يؤلمنا هذا التنبيه، لكنه التنبيه لابد منه لنعود إلى الطريق السليم، والآن هل أنت منتبه لمن هم بحاجتك!؟ أم أنت مثلي تحتاج إلى حجر لتنبيهك!!؟
*ومضة:*
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا)، رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*