الحب مجموعة من المشاعر التي تمتلكها تجاه شخص آخر، ولا يعلمها إلا بعد أن تصارحه بمشاعرك تجاهه، بالإفصاح عن الحب والتعبير عن مشاعرك، يعني كشف السر الذي اختزنته لفترة طويلة داخل قلبك تجاه شخص آخر لفترة كبيرة من الزمن..
فالناس كلما أشعرتهم بقيمتهم وأظهرت الإهتمام بهم وأحسست إليهم، ملكت قلوبهم واحبوك، فالحب بشكل عام شعور فطري لدى الإنسان، والناس في التعبير عن مشاعرهم مختلفون، فالحب الحقيقي؛ هو الحب الصادق النابع من القلب، والذي لا تشوبه تداخلات المصالح أو أي أمور أخرى غير سوية.
قرات اليوم خبراً في إحدى المواقع الإلكترونية يقول الخبر: "غرمت محكمة تركية رجل مبلغاً من المال، لأنه قال لزوجته "أنا لا أحبك"، وألزمته بدفع تعويض باسرع وقت ممكن نتيجة للضرر العاطفي الذي سببه لها وأعتبرت المحكمة أنه عنف عاطفي ويسبب للزوجة ضرراً نفسياً كبيراً".
وأنا أقرأ الخبر تذكرت قصة حصلت معي منذ زمن بعيد، حيث كنت في إحدى المناسبات الخاصة، وبينما كنت أصافح رجل كبير في السن وجار لي، المفاجأة أن الرجل ضغط بقوة على كف يدي وقال بنبرة فيها من اللطف والمودة: إن النبي صلوات الله عليه قال: (إذا أحب أحدكم أحدا فليخبره).. فأردت أخبارك أني أحبك!!
وقفت حائراً في من الموقف ونظرت بدهشة، ثم قلت بتلعثم مرتبكاً "شكراً لك"، لأني أعرف سبب حبه لي، لكن الأهم الذي عرفت أنه رجل رائع استطاع كسر الصمت والتعبير بصدق وعلمني درساً بلغياً في الإفصاح عن الحب.
في الواقع لم ينته الأمر بل أنه أصبح في كل مرة نلتقي يقول لي "أحبك صالح" ، وقررت حينها أن يكون ردي هذه المرة بقولي: "وأنا أحبك أكثر"، لأني أعلم يقيناً أن التعبير عن المشاعر يجعل الإنسان أكثر حيوية وتفاعلاً مع الحياة..
فلماذا الأم لم تستطع قول "أحبك" لابنها المغترب الذي اشتاقت إليه؟ ولماذا لم تستطع الأخت قول "أحبك" لأختها في ليلة زفافها؟ ولماذا لم يستطع الأبن قول "أحبك" لأمه بعد خضوعها لعملية جراحية؟
لماذا لا نعبر عن مشاعرنا بوضوح وصدق؟ أهو الكبرياء والكرامة؟ أم هي الرغبة في الحفاظ على تلك الصورة الجادة والجافه من المشاعر في حياتنا؟ أم هو الخوف من ردة فعل من نعبر له عن مكنون مشاعرنا واحاسيسنا تجاه؟؟
أياً كان السبب فهو مبرر واهي وسبب غير كافي ومنطقي، فالإنسان مخلوق بالفطرة من الأحاسيس والمشاعر ومجبول على التفاعل العاطفي والنفسي، وهذا ما يميز الإنسان عن الحيوانات والجمادات.
اليوم في حياتنا يمر علينا سيناريوهات وموافق جميلة مكرره وتتكرر في كل حين ولا نستغلها إيجابياً، فالصعوبة لا تكمن في قول كلمة أحبك بذاتها، إنما الصعوبة تكمن في التعبير عن المشاعر الإنسانية في مجتمع نشأ على ثقافة الكتمان وجفاف المشاعر..
بصراحة الحال نحن نتقن ثقافة كتم المشاعر الإنسانية الإيجابية نحو بعضنا، كالحب والإعجاب والشكر والامتنان والتقدير، وأحياناً نتجاوزها إلى كتم المشاعر السلبية كالحزن والألم، والاستمرار في كتم المشاعر وتغليفها يؤدي إلى تبلد العواطف وجمود الأحاسيس، وهذا ما قد يسبب قسوة القلب والنفور من بعضنا.
قد يولد الحب بكلمة، ولكن لا ينتهي بكلمة، ولا شيء أجمل من أن تشعر بتواجد من تحبهم بجانبك حتى لو بكلمة دون أن تطلب منهم ذلك، والتعبير عن الحب ليس فقط للزوج أو الزوجة، إنما للأهل وللأقارب وللأصدقاء، عبر لكل من تعرفه عن حبك، بكلمات جميلة، ولا تقتصر على الكلمات، إنما بالفعل تزيد حلاوة الكلمات.
*ترويقة:*
ما نحتاجه اليوم فعلاً هو التجرد من ثقافة الكبت عن مشاعرنا والعودة لثقافة البوح، فالحياة الجميلة وهدية من الرحمن، فاجعلها أجمل بتعبيرك عن مشاعرك الإيجابية والإفصاح عن حبك قبل أن تَفقد أو تُفقد.
*ومضة:*
أحلى وأجمل كلمات الحب قالها رسولنا الكريم للسيدة عائشة رضي الله عنها: (إني قد رزقت حبها).
.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*